فصل: (سورة سبأ: آية 49):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} (12) أي أجرينا وأذبنا وأسلنا.
{مَحارِيبَ} (13) واحدها محراب وهو مقدم كل مسجد ومصلّى وبيت قال وضّاح اليمن:
ربّة محراب إذا جئتها ** لم ألقها أو أرتقى سلّما

{وَجِفانٍ كَالْجَوابِ} (13) واحدتها جابية وهى الحوض الذي يجبى فيه الماء قال:
فصبّحت جابية صهارجا ** كأنه جلد السماء خارجا

{وَقُدُورٍ راسِياتٍ} (13) عظام ويقال: ثابتات دائمات، قال زهير:
وأين الذين يحضرون جفانه ** إذا قدّمت ألقوا عليها المراسيا

أي أثبتوا عليها.
{تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} (14) وهى العصا وأصلها من نسأت بها الغنم وهى من الهمز الذي تركت العرب الهمزة من أسمائها. ينسأ بها الغنم أي يسوقها، قال طرفة بن العبد:
وعنس كألواح الإران نسأتها ** على لاحب كأنه ظهر برجد

(60) نسأتها: نسقتها ويهمزون الفعل منها كما تركوا همزة النبىّ والبريّة والخابية وهى من أنبأت ومن برأت وخبأت قال:
إذا دببت على المنساة من كبر ** فقد تباعد عنك اللّهو والغزل

وبعضهم يهمزها فيقول منسأة، قال:
أمن أجل حبل لا أباك ضربته ** بمنسأة قد جرّ حبلك أحبلا

{فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ} (14) مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير لأن، {تَبَيَّنَتِ} في موضع أبانت الجن للناس أن لو كانوا يعلمون الغيب لما كانوا في العذاب وقد مات سليمان صلى اللّه عليه.
{لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ} (15) ينوّن سبأ بعضهم لأنه يجعله اسم أب ويهمزه وبعضهم لا ينون فيه بجعله اسم أر.
{سَيْلَ الْعَرِمِ} (16) واحدها عرمة وهو بناء مثل المشار يحبس به الماء ببناء فيشرف به على الماء في وسط الأرض ويترك فيه سبيل للسفينة فتلك العرمات واحدها عرمة والمشار بلسان العجم قال الأعشى:
وفى ذاك للمؤتسى إسوة ** ومأرب قفّى عليها العرم

رخام بناه لهم حمير ** إذا جاش دفّاعه لم يرم

أي حبسه وقال آخر:
من سبأ الحاضرين مأرب إذ ** يبنون من دون سيله العرما

{أُكُلٍ خَمْطٍ} (16) والخمط كل شجرة ذى شوك والأكل هو الجن.
{رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا} (19) مجازه مجاز الدّعاء وقرأه قوم {ربنا بعّد بين أسفارنا}.
{وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} (19) أي قطعناهم وفرقناه.
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} (20) مخفف ومثقل ومجازه أنه وجد ظنه بهم صادق.
{إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ} (21) مجازه: إلّا لنمي.
{مِنْ ظَهِيرٍ} (22) أي من معي.
{حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} (23) مجازه: نفّس الفزع عن قلوبهم وطيّر عنها الفزع وقرأه قوم: {حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} أي اذهب عن قلوبهم.
{قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ} (23) منصوب لأنه مختصر كأنه: قالوا قال ربنا الحق، وقد رفعه لبيد ولا أظنه إلا احتياجا إلى القافية قال:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول ** أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (24) مجازه: إنا لعلى هدى وإياكم إنكم في ضلال مبين لأن العرب تضع أو في موضع واو الموالاة قال:
أثعلبة الفوارس أو رياحا ** عدلت بهم طهيّة والخشابا

يعنى أثعلبة ورياحا. وقال قوم قد يتكلم بهذا من لا يشكّ في دينه وقد علموا أنهم على هدى وأولئك في ضلال مبين فيقال هذا وإن كان كلاما واحدا على وجه الاستهزاء يقال هذا لهم، قال أبو الأسود:
يقول الأرذلون بنو قشير ** طوال الدهر ما تنسى عليا

بنو عمّ النبىّ وأقربوه ** أحبّ الناس كلّهم إليّا

فإن يك حبّهم رشدا أصبه ** ولست بمخطىء إن كان غيّا

{ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ} (26) أي يحكم بيننا.
{وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} (28) أي إلّا عامّا.
{مَتى هذَا الْوَعْدُ} (29) والوعيد والميعاد واحد.
{وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدادًا} (33) أي أضداد، واحده ندّ وضدّ قال حسّان بن ثابت:
أتهجوه ولست له بندّ ** فشّركما لخيركما الفداء

(41) {هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ} (33) مجازها هاهنا مجاز الإيجاب وليس باستفهام، مجازه: ما يجزون إلّا ما كانوا يعملو.
{إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها} (34) كفّارها المتكبرو.
{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاء وَيَقْدِرُ} (36) يبسط: يوسّع ويكثّر.
{وَيَقْدِرُ} من قول اللّه: {قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} (65/ 7).
{وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى} (37) مجاز.
{زُلْفى} بما يقع على الجميع وعلى الواحد سواء. وزلفى: قربى ومجازه مجاز المشركين يخبر عن أحدهما بلفظ الواحد منهما ويكفّ عن الآخر وقد دخل معه في المعنى فمجازها: وما أموالكم بالتي تقربكم إلينا زلفى ولا أولادكم أيضا فالخبر بلفظ أحدهما وقد دخل معه في المعنى ولو جمع خبرهما لكان مجازه: وما أموالكم ولا أولادكم بالذين يقربونكم عندنا زلفى لأن العرب إذا أشركوا بين الآدميين والموات غلب تقدم فعل الآدميين على فعل الموا.
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاء إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ} (40) مجاز الألف هاهنا مجاز الإيجاب والإخبار والتقرير وليست بألف الاستفهام بل هي تقرير للذين عبدوا الملائكة وأبس لهم قال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا ** وأندى العالمين بطون راح

{وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ} (45) أي عشر ما أعطيناه.
{فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ} (45) أي تغييرى وعقوبت.
{مَثْنى وَفُرادى} (46) اثنين اثنين وفردا فردا ولا ينوّن في مثنى، زعم النحويون لأنه صرف عن وجه.
{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (48) أي يأتى بالحق.
{أَنَّى لَهُمُ} (52) أي كيف لهم وأي.
{التَّناوُشُ} (52) يجعله من لم يهمزه من نشت تنوش وهو التناول قال غيلان:
فهى تنوش الحوض نوشا من علا

ومن همزه جعله من نأشت إليه وهو من بعد المطلب قال رؤبة:
أقحمنى جار أبى الخاموش ** إليك ناشى القدر النّئوش

{كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ} (54) يقال: شيعة والجميع شيع ثم جمعوا شيعا فقالوا: أشياع. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي تذكر فيها سبأ:

.[سورة سبأ: آية 23]:

{وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)}.
قوله تعالى: {حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ} الآية وهذه استعارة، على قراءة من قرأ: {فزّع} بالزاي والعين، و {فرّع} بالراء والعين.
فالمراد بقراءة من قرأ: {فزع} بالعين غير معجمة، أي أزيل الفزع عن قلوبهم. كما تقول: قذّيت عينه. إذا أزلت القذى عنها. وهو كقولهم: رغّب عنه. إذا رفعت الرغبة عنه. خلافا لقولهم: رغب فيه، إذا صرفت الرغبة إليه. فالرغبة في أحد الأمرين منقطعة، وفي الآخر منصرفة.
والمراد بقراءة من قرأ: {فرّغ} بالغين معجمة، قريب من المراد بقراءة الأولى. كأنه سبحانه قال: حتى إذا أخرج ما كان في قلوبهم من الخوف والوجل ففرغت منها.
وإنما قال: عن قلوبهم. لأنه سبحانه أقام ذلك مقام التفريج عن قلوبهم. فكما حسن أن يقال: فرّج عن قلبه، فكذلك حسن أن يقال: فرّغ عن قلبه.
وهذا موضع سرّ لطيف، ومعنى عجيب.

.[سورة سبأ: آية 31]:

{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ ولا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ولَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)}.
وقوله تعالى: {وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ ولا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} وهذه استعارة. والمراد بها ما تقدم القرآن من الكتب، فكأنها كانت مشيرة إليه، ومصرفة بين يديه. وقد مضى الكلام على نظائر ذلك فيما تقدم.

.[سورة سبأ: آية 33]:

{وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ والنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ ونَجْعَلَ لَهُ أَنْدادًا وأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (33)}.
وقوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ والنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ ونَجْعَلَ لَهُ أَنْدادًا} وهذه استعارة. والمراد بمكر الليل والنهار: ما يتوقع من مكرهم في الليل والنهار، فأضاف تعالى المكر إليهما لوقوعه فيهما. وفيه أيضا زيادة فائدة، وهى دلالة الكلام على أن مكرهم كان متصلا غير منقطع في الليل والنهار، كما يقول القائل: ما زال بنا سير الليل والنهار حتى وردنا أرض بنى فلان. وهذا دليل على اتصال سيرهم في الليل والنهار، من غير إغباب، ولا إراحة ركاب.

.[سورة سبأ: آية 46]:

{قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (46)}.
وقوله سبحانه: {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ} وهذه استعارة. والمراد أنه عليه السلام بعث ليقدّم الإنذار أمام وقوع العقاب، إزاحة للعلة، وقطعا للمعذرة. وقد تقدمت إشارتنا إلى نظائر هذه الاستعارة في عدة مواضع من هذا الكتاب.

.[سورة سبأ: آية 49]:

{قُلْ جاء الْحَقُّ وما يُبْدِئُ الْباطِلُ وما يُعِيدُ (49)}.
وقوله سبحانه: {قُلْ جاء الْحَقُّ وما يُبْدِئُ الْباطِلُ وما يُعِيدُ} وهذه استعارة لأن الإبداء والإعادة يكونان في القول، ويكونان في الفعل. فأما كونهما في الفعل فبقوله سبحانه: {وهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} وأما كونهما في القول فإن القائل يقول: سكت فلان فلم يعد ولم يبدئ. أي لم يتكلم ابتداء، ولا أحار جوابا. وهاتان الصفتان يستحيل أن يوصف بهما الباطل- الذي هو عرض من الأعراض- إلا على طريق الاتساع والمجاز.
وإنما المراد أن الحق قوى وظهر، والباطل ضعف واستتر، ولم يبق له بقية يقوى بها بعد ضعفه، ويجبر بعد وهنه. أي ما تقوم له قائمة في بدء ولا عود. والبدء: الحال الأولى. والعود: الحال الأخرى. وكذلك الإبداء والإعادة.
ويجوز أن يكون لذلك وجه آخر، وهو أن يكون المعنى أن الباطل كان عند غلبة الحق وظهوره بمنزلة الواجم الساكت، والحائر الذاهل، الذي لا قدرة له على الحجاج، ولا قوة له على الانتصار. كقولهم: سكت فما أعاد ولا أبدأ. عند وصف الإنسان بالحيرة، أو غلبة الفكرة.
وقد قيل أيضا في ذلك وجه آخر يخرج به الكلام عن حيز الاستعارة. وهو أن يكون المراد أن صاحب الباطل لا يبدئ ولا يعيد عند حضور صاحب الحق، ضعفا عن حجاجه، وضلالا عن منهاجه. فجعل المضاف هاهنا في موضع المضاف إليه. وذلك كثير في كلامهم.

.[سورة سبأ: آية 53]:

{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ويَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (53)}.
وقوله تعالى: {ويَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} وهذه استعارة والمراد بذلك- واللّه أعلم- أنهم يقولون ما لا يعلمون، ويظنون ولا يتحققون. فهم بمنزلة الرامي غرضا بينه وبينه مسافة متباعدة، فلا يكون سهمه أبدا إلا قاصرا عن الغرض، وعادلا عن السّدد. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة سبأ:
سورة سبأ رابعة السور المبدوءة بحمد الله.
والحمد كما قلنا ثناء وشكر وتمجيد لله تعالى؟ فهو مالك السموات والأرض وما فيهما، وحصاد هذه الدنيا راجع إليه يبت فيه بعدله ورحمته. وهو صاحب العلم الشامل المحيط {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها}. إنه يعرف كل بذرة توضع في أعماق التربة وكل ثمرة تخرج، وكل قطرة تنزل من السماء وكل خفقة ريح تصعد إليها. إن أرجاء الكون صفحة واحدة أمامه لا يخفى منها شيء. وعندما تثور عاصفة ترابية، فهو يعلم حركة كل ذرة، واندفاعها إلى أعلى أو أدنى، وأين تستقر! وعندما تثور عاصفة حرارية في وجه الشمس، فهو يعلم أين تهيج ومتى تهبط، وأثر ذلك في أنحاء الأثير وعالم الكهرباء والأصوات! على أن هناك عروجا للأرواح والملائكة، ووجودا آخر موارا بالحياة لا ندرى عنه إلا قليلا.. {عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين}. وسورة سبأ تشبه سورة الفرقان في أنها استعرضت شبهات الكفار، وردت عليها واحدة واحدة. وأول هذه الشبهات عند كفرة اليوم والأمس استبعاد القيامة {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم}. والحق أن استبعاد البعث غباء شديد. فما يمنع الخالق أن يعيد الخلق؟ هل عجز عنه أولا حتى يعجز عنه أخيرا؟ ومتى أفلت الناس من أصابع القدرة؟ إن الله ينيمهم ويوقظهم ويجيعهم ويشبعهم كل يوم. ولكن العقل الإنساني قد يعمى عن البديهيات..! إن البعث حق، ليعرف المختلفون هنا حقيقة ما دار بينهم من خلاف، ويلقى كل امرئ جزاءه.